Wednesday

وقت تذكر الماضي والبصق عليه

استمعت على غير توقع لاغنية خلاص من حبكم يازين عزلنا .. فنبتت في خاطري فجأة ذكريات حارتنا الطينية القديمه تلك الحارة القذره المغبره المليئة بالتقوى والجهل .. قفزت الى رأسي سنوات التسعينات الهجرية .. التسعينات المظلمه .. التسعينات الطينيه .. تذكرت البيوت الطينية الضيقه و الشوارع و سكك السد المتربة المليئة بالاطفال .. كانت سنين مليئة بالحقران والانهزام .. اجواء يعتريني حيالها شعور مبهم بان الحيوان يحيا افضل من البشر ويتمتع بالحياة اكثر من ما تتمتع به هذه المخلوقات الخشنه المليئة بالحزن والخوف و الحقد معا .. كانت سنين على حافة الانتظار و الخوف .. انتظار نهاية ما .. نهاية اي شيء بالضبط ..؟ الله اعلم .. خوف من ماذا ..؟ لا احد يدري .. لكل شيء نهايه .. شعور ينبض في الوجدان .. وبمناسبة الاغنية اتذكر ان اغنية عاطفية جديدة قد اسرت المزاج العام وقتها .. من فارق الخلان الله يعينه .. تتردد من المسجلات اليابانيه الجديده .. وتفتن المراهقات الشاحبات بسؤ التغذيه والشباب المقتولين بالحرمان العاطفي والكبت ..


http://7betah0o0ra7.googlepages.com/ibraman

سنين منتقاة ..!

قال لي جدي .. هو ليس جدي .. لان جدي مات قبل أن أولد مثل ما مات أبي قبل أن أولد وهذا ما جعلني استشعر النبوة وانتظرها .. ولكني لم ارع الغنم .. وكل نبي يرعى الغنم .. لم اعرف هذه (الحقيقة ) إلا متأخرا .. ولكن ربما يكفي أني ربيت حمام ..! المهم قال جدي ..أن القحاطين يحدرون من تثليث ويربعون في الصمان وقبل ما يحدرون ( أي يبدأ ون مسيرتهم ) يودعون قشهم ( أشيائهم القليلة ) عند الحضر ..!قلت له : ماذا يأكلون خلال رحلتهم الكبرى هذه وهي بطول الف كيلومتر تقريبا ( مع تعرجاتها )قال : حليب الإبل والماعز ..قلت : يعني مع التمر قال : لا .. يشربون حليب فقط .. وتشوف واحدهم اسود منسل ( من شدة النحافة ) .. خفيف لو تنفخه طار !فكرت في طفلي الصغير الذي يعيش على الحليب فقط .. وقلت معقول ! ليه لاء ..!! قال جدي : ثلاثة شهور لا يذوقون فيها إلا الحليب وجني الأرض ( أعشاب صحراوية) مثل البقرا والقرقاص والحميض .. وربما صادوا ضبا أو جربوع و هذا يطبخونه أيضا في حليب ..قلت له : معهم قدور يعني ..؟قال : البدوي ليس معه إلا سكين وقدر واحد اسود معفط .. وربما بسيط ( بساط ) ينام عليه أو يتقي به الشمس .. قلت لنفسي .. حياة شقا وغباء لماذا لم يهربوا من حياة الجحيم هذه .. ولم تطاع بعد قوانين للهجرة والتجنس بل حتى لا وجود للجمارك ولا حتى لجوازات السفر .. لن اصدق أسطورة الوطن والوطنية .. أي وطن لبدوي جائع دائم الترحال بحثا عن خنافس وفئران وضواطير الصحراء .. ام ان البيئة الصعبة قد ختمت على عقله مثل ما ختمت على قلبه بالعمى والظلام الأبدي .. وليس بينه وبين بلاد الانها ر إلا اجتياز الصحراء الفقيرة المهلكة لينعم بالأمطار والأنهار والفواكه والوجوه الحمراء .. الى ان يرى كل ما ملك خياله وخيال اجداده من ظلال وتين وزيتون وجنات وأعناب وفاكهة وأبا ..
ترى ما الذي جذب أجدادي الى التمسك بالأرض الجرداء الجرباء الموحشة اللتي تتحول الى عذاب مقيم خلال شهور طويلة من السطوع الشمسي المتعمد .. ؟؟ ما الذي منعهم .. هل يعلمون ان الأرض ستتفجر بالذهب الأسود يوما ..؟ وان الصحراء ستتفوق على كل بلاد الأنهار والأمطار وستتحول إلى مهوى أفئدة العالم بحثا عن ما يجود به أحفادهم من نعيم .. ؟!
أم أن ما منعهم من ترك الصحراء هو ذالك الانسحاق البيئي .. أو قوة ضغط البيئة على الإدراك والبصيرة .. والحياة بالتقليد والمشابهة وعدم القدرة على المبادرة الشخصية أو ألمبادئه في أمر لم يعهد من قبل .. والتسليم لما وجد عليه .. والرضوخ التام للتماثل والتكرار والتحول إلى جزء من طقس تمارسه الطبيعة .. جزء متمم للمشهد الصحراوي .. مثل الضب والجربوع ..مثل نبتة الحرمل .. أو جبل التو باد .. شيء لابد من وجوده في هذا المكان لسر لا يعلمه إلا هو ..!
عموما .. أنا ألان احمد الله إن جدي ومن سبقه من الأسلاف كانوا من بعد النظر أو العته ان لم يغادروا بلادهم .. حتى أجيء أنا والأشياء معدن كما يقول الممثلين المصرين .. أي أتمتع بما صبر عليه الآباء والأجداد .. وأجني ثمرة تحملهم صعوبات العيش لعشرات الآلاف من السنين

http://7betah0o0ra7.googlepages.com/ibraman