Wednesday

في المعذر الشمالي .. دنى فتدلى !


ليست من عادتي ارتياد تلك الأماكن .. فلست منها وليست مني .. فانا على باب الله .. من أواسط أواسط خلق الله في المعيشة والتعليم والوظيفة والجبن والخوف .. بل ربما ان تلك الأخيرة تعلو وتصل إلى مرتبة الرعب بعد عمر من سماع ألاف القصص والشائعات والمبالغات .. ذهبت إليه بتوصية من شخص كان هو السادس أو السابع في سلسلة الشفاعات والتوسل وان كنت أمل ان يكون السابع لما تميز به هذا الرقم من قداسة وربما لهذا السبب كان يعمر قلبي إضافة إلى الخوف شيء من الأمل بان يكون لقوى السماء يدا في نيل المراد ..كانت الشمس قد شارفت على المغيب ونحن في أواخر فصل وبداية فصل وهبايب نجد تهب محملة بالأتربة والغبار على طريقة النشرة الجوية ولكنها في شوارع الرياض محملة أيضا بباغات البلاستيك وأوراق الجرائد المتطايرة .. سعد السعود سف في عيني التراب .. الله يلعن أم سعد السعود .. كم أحب أن العن الدهر ..اسب الأيام .. افش غلي وربما يسميه البعض حقدي .. سعد السعود .. وهل يوجد اجمل من هذا الاسم السعيد .. تفاؤل بالخير .. بقيت نصف ساعة على أذان المغرب .. قال : ( .. وهو يجلس بعد المغرب ).. أما كيفية هذا الجلوس وهذا الاستواء فسأعرفه بعد قليل .. اللهم اجعل بين يدي نورا .. ومن فوقي نورا .. ومن ورائي نورا .. ومن حولي نورا .. اللهم اجعلني مهضوما كما تقول المذيعات اللبنانيات .. شارع ابحر .. شارع الغزاوي .. شارع إبراهيم النفيسي .. يبدو اسم ممثل ( هو اسم احد المشاركين في غزوة فتح الرياض ) .. شارع .. شارع .. شارع .. ابتعدت كثيرا والشوارع كثيرة متعاقبة نظيفة هادئة مليئة بالثيل والزهور الملونة تحفها قصور جميله فخمه وعلى أبوابها سيارات فارهه غالية .. مررت أمام بوابه جميلة مفتوحة التفت .. نظرت طويل إلى الداخل أكثر من اللازم .. في جانب البوابة كان بضعه أشخاص وراء زجاج اسود ومن نافذة مفتوحة لاحظتهم ينظرون لي .. فكرت بسرعة سأقول إنني التفت لان رقبتي تؤلمني .. أو سأقول إنني لم انتبه أو أن منظر الورود جذبني .. هل يسامحونني .. أصبحت أكثر حذرا .. متى يؤذن المغرب ..؟ تعبت من اللف والدوران لا اريد ان اصل منهكا متعبا لأحتفظ بقوتي حتى تمد عقلي وروحي بما احتاجه .. هل اره في المسجد القريب .. هل أرى أحدا من تلك الشموس الباهرة .. متى يؤذن المغرب ..؟انتقض وضؤي خلال هذا الدوران الفضولي الخطير .. فكرت أن ادخل إلى المسجد وأتوضأ .. لكني نبذت الفكرة فورا .. قلت ساتيمم بأي حائط من الحوائط المقدسة .. والتيمم يجوز على أي مكان به غبار .. وهل يوجد مكان بلاغبار في بلادنا الجميلة .. حتى جلودنا وشعر رؤسنا مليء بالغبار .. فجأة ضجت المكروفانات وعلا الصياح .. اتجهت الى المسجد .. وفي الطريق مسست حائط المسجد بيدي .. تذكرت مزارات الشيعة المقدسه .. لماذا لايوجد لدينا مزار .. كم نحن بحاجة الى شيء نتمسح به نتذلل له .. شيء مادي مجسد نراه عيانا بيانا فيملىء قلوبنا بالحنان والرجاء .. شيء يشبه أيقونة العذراء .. يمسح على الجرح .. قلت لنفسي لو يعلم الناس ما افكر فيه لقتلوني .. اللعنة عليك أيها الشيطان .. استغفرا لله .. كان المسجد رائعا و شبه خالي وشيئا فشيئا امتلاء الصف الأول ..انتهت الصلاة .. ومددت يدي الى العلي القدير اشكره إنني لازلت حيا وبصحة جيده وان يوفقني في مسعاي وان يغفر لي هرطاقاتي .. تلفت حولي ابحث عن شمس او قمر او نجم .. الحضور كلهم من السائقين والطباخين وموظفي السنترالات ومنسقي حدائق وموظفي خدمات والحراسة .. يمنيون وباكستانيون وحبوش وسودانيين وبعض البدو .. كانت البوابة مشرعه .. دخلت لم يستوقفني احد .. حدثتني نفسي إذا لم يستوقفني احد سأدخل حتى القاع .. سأحمل كل ما خف وغلا ..! لعنة الله على شيطاني الرجيم ألا أحمد ربي على الصحة .. جاء احدهم وأشار لي .. سألني عن اسمي ثم تبعته .. سيارات كثيرة كانت بالداخل و على بعد كانت عدة فيلات .. الاخضرار يعم المكان .. عبرت قناة ماء .. ثم اتجهت عبر قنطرة أخرى إلى حيث المجلس .. صدر المجلس كان خاليا .. وهو المفترض .. في الجوانب على الأرائك أصناف من الناس .. هل هم مرافقون .. أم أصحاب حاجات .. أم متسولين بالشعر والنوادر .. كنت أظن إني سأخلو به .. كيف سأتحدث امام هذه الجموع النتنة .. على كل طاولة قارورتين مياة صحه .. دارت القهوة .. ساخنة جدا .. عاد القهوجي الأسود واخذ الفنجال ومضى .. هل هي أصول الضيافة .. لم يسألني إن كنت أريد المزيد .. التلفزيون العملاق على قناة الأخباريه لا يكاد يسمع .. وفجأة هب الحضور وقوفا .. وقفت مثلهم وعيني على صدر المكان .... سحنة عامل او مناضل طبقي .. اسمر .. خشن الهيئة .. تفحص الوجوه بعيون كبيرة واسعة .. كأنه للتو استيقظ من نوم طويل .. له هيبة .. هيبة الانتظار والأفكار المسبقة عن قوته .. والقوي الله .. الله يعجبني هنا كثيرا .. فهو سلاح من لا سلاح له .. بينما يتحول في احيان اخرى كثيرة الى شيء اخر تماما .. استمر يبحلق في الوجوه والفراغ .. هل هو غير طبيعي .. مريض .. أو أعشى البصر .. أول مرة أراه .. ليس له صور في الإعلام .. هو من الأيدي الخفية .. عالم ارضي .. هل يشبه حكومة الظل في المملكة المتحدة ..؟ الله يعز الإسلام .. الصمت شامل .. والحضور مبهورين .. كنت مرتاحا لمشاعر القرب .. طمأنينة لست اعرف حقيقية ام زائفة .. كنت ارتقب موعد بدء الحديث .. أصغيت ولكني لا اسمع إلا أصوات غير واضحة .. فهمت منها سباب في الشيعة .. ولعن على اليهود .. وادعيه وكلمات العز والامن والحمد .. يقول عبده حكمي الجيزاني المحتاج خنيث ! .. قلت له : كيف أعجبتني هذه يا عبده .. قال : ما تحتاج تفسير .. فكر فيها وأنت تعرف .. خطر ببالي ان افعل شيء خارق ان انهض واسجد .. وأجي من الاخر كما يقول المصاريه .. اليس هو يريد هذا .. ألا يريد أن يشعر انه مهم انه السمو والعلو والذكر .. سأمنحه ما يريد .. ابيعه الرخيص بالغالي .. العب عليه .. احني ** له .. واخذ منه بغيتي .. أرزها له وأنا العن أمه وأم فلوسه التي جعلته رجال .. هل أجرؤ .. هل تسمح كرامتي .. همست في نفسي يخسا .. سأتيه مثل هذه الصفوف .. والباقي على الله ..هل يتحسر على ماضيه .. وعلى عزه الذي ولى .. إذا كان حاضره ليس عز فما هو العز .. هل كان يريد ان يخلد في المنصب .. وهل كل المناصب علنية ..؟ نظرت الى المذبح .. كان يتحدث في الهاتف .. تحسست معروضي شعرت انه قد تثنى وتعفط .. لا يهم .. هو على كل حال لن يقرأه ان كان يجيد القرأة أصلا هذا المعروض هو الرابع عشر .. تذكرت محاولاتي الخطبة .. عندما رفضني اثنى عشر بيت فقط لاني ادخن او لاني غير مواظب على الصلاة .. هل هو يصلي يا ترى .. اذا كانت الصلاة نور في الوجوه فهو هندوسي .. أما إذا كانت سعة في الرزق فهو صحابي .. نظرت لتأكد من سحنته .. لازال يتحدث في الهاتف .. وضع السماعة ونهض خارجا .. دقائق .. ثم سرت همهمات .. دقائق أخرى وأعلن احدهم أن ... قد خرج لأمر طارئ .. سمعت من الذي بجواري انه للمطار .. انتهت الحفلة .. أدخلت يدي إلى جيبي أتحسس معروضي .. ولا ادري متى سيحل في الأيدي السعيدة ..