Tuesday

طبقية الحجاز .. وعنصرية نجد

منذ سمعت بقضية ( فاطمة ومنصور ) المحزنة والتي قام فيها القضاء السعودي بالتفريق بالقوة بين زوجين سعيدين يعيشان مع أطفا لهما بحجة عنصرية وهي أن أحدهما أكثر شرفا وحسبا من الأخر ولا يليق به أن يعيش مع شريك حياته كما ترى المحكمة التي لم يشتكى لها أي من الزوجين ..!! منذ ذلك الوقت وأنا أفكر في تلك العقلية القبلية التي أنتجت مثل هذا الحكم الجائر .. هل هي إسلامية كما يقال .. هل روح الإسلام العادلة التي جذبت الملايين عبر التاريخ ترضى بمثل حالة منصور وفاطمة .. ؟ أم أنها حالة أنتجتها عقلية العزلة والأمية الطويلة في الفيافي النجدية
منذ وعيت معرفة بلادي وتجولت فيها ولدي إحساس خاص حيال أهم إقليمين في المملكة لايفا رقني عندما أتجول في الحجاز أو نجد .. فكلما جئت الحجاز اشعر وأرى وأحس بالتمايز الطبقي بين الناس .. اشعر بالطبقية المستوطنة في ثقافة الناس وأوصاف الأمكنة والبشر .. ساده وثراء وبيوت فاحشة الغنى المتوارث وتقاليد من التعالي الطبقي المادي و الديني تواجه فقر مقبول بتسليم شائع بين الناس .. ولكن أيضا مع هذه الطبقية يوجد تسامح صوفي الطابع يغسل و يخفف ما في القلب من ( أحقاد ) أنتجها التفاوت المادي العريق .. الحجاز تاريخيا بلد تجاره قديم منذ قريش ورحلاتها المشهورة إلى مواسم الحج والعمرة المزدهرة عبر التاريخ وظلت مكة مركزا ماليا وروحيا منذ الجاهلية تستقطب إليها قبائل الجزيرة العربية كلها بالحج إلى أسواقها بحجج الدين أو الشعر أو التجارة أو بها معا .. فبنى و حافظ على طبقيه غير متوحشة بانفتاحها على الفقراء بدوافع روحيه ..رغم وجود السادة الأشراف وتميزهم العنصري لكن السكان المتعددي الاصول والقادمين من شتى انحاء العالم الاسلامي انصهروا في رحاب الحرمين مما جعل العنصرية قضية ثانويه ولم تكن عائقا امام الانصهار الاجتماعي وامتلاء الحرمين بعلماء ومعلمين و ائمة و تجار من كل الاجناس البشريه في المقابل .. في نجد دائما ما يثيرني سذاجة ورخاوة الطبقية النجدية الجديدة التي لم تستطع أن تتجاوز الأساس العنصري للمجتمع النجدي .. حتى صار من المألوف جدا أن ترى صعلوكا فقيرا يناسب أو يصاهر اكبر الأثرياء ولكن بشرط التساوي العنصري .. !! فلا مشكلة طبقيه ولا عيب في الفقر .. لان الجميع انطلقوا من محطته بالأمس القريب .. أما النقاوة العنصرية فهي شرط لا يمكن التنازل عنه .. ليكون الأساس العنصري كما كان دائما خلال ألاف السنين الماضية معيارا للتصنيف والانتقاء الاجتماعي .. وتوقع الكثيرين انه مع تمدن المجتمع وهطول الثروة النفطية وتعاظم قيمة المال فيه ستنمحي المعايير العنصرية التي أغلقت سبل التصاهر و التناسب والتراحم بين الناس وحصرته داخل دوائر مغلقه ( تسببت بأمراض سلالية و وراثية ) .. ولكن ما يقوله الواقع أن المال لم يستطع أن يشرخ العنصرية أو يهون منها فظلت هي أساس الانتخاب والتمييز بين البشر في هذا الإقليم الصحراوي .. وبينما خفف تسامح النزعة الصوفية من أحقاد التنافر الطبقي .. لم يوجد في نجد إلا الطهرانية البيورتانيه التي تقمع وتزيد في الأحقاد القلبية وتكاد تعطي العنصرية شرعية دينيه .. وليس أخرها ما تفتق عنه القضاء النجدي عندما فصل بين زوجين وفرق بينهما وشتت أطفا لهما بسبب عدم الكفاية العنصرية بينهما وقدم ذلك الظلم العنصري بتبريرات دينية ..!! رغم ما نردده ليل نهار عن المساواة وان لافرق بين عربي وعجمي واسود وابيض إلا بالتقوى وان الإسلام سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ..!!



http://www.tamaden.org/show.art.asp?aid=75542